“ربما كانت الصدفة، كما عبرت بعض وسائل الاعلام، هي خلف الكشف عن الجريمة البشعة التي اظهرت تعرض 11 تلميذة تتراوح اعمارهن بين السادسة والثامنة الى التحرش الجنسي من قبل احد الاساتذة في مدرسة عينطورة. تلك “الصدفة” لا بد ان تعلمنا انه ليس بامكاننا بعد اليوم الاختباء وراء اصابعنا والاستهتار بامن وسلامة الاطفال الصحية والنفسية.
من المؤكد ان هذه الجريمة لا تنحسر في مدرسة او مكان واحد، ولا شك ان الاطفال معرضون في كل لحظة الى هذا النوع وغيره من الانتهاك لاجسادهم وسلامتهم النفسية . فمن غير المقبول ان ننتظر الصدفة لتكشف لنا عن ما يحصل في اروقة المدارس، او البيوت.
اننا واذ ندين الجريمة البشعة التي حصلت في مدرسة عينطورة ندعو جميع الجهات المعنية الرسمية وغيرها الى التوقف والتفكير مليا بكيفية الحد من حدوث جرائم ومشابهة، واننا في الوقت نفسه ندين السياسات التربوية والاهمال في عدم ادراج التربية الجنسية في المناهج التعليمية. كما اننا ندعو الجميع الى اعادة النظر بالمنظومة الثقافية التي، والى حد كبير، تلوم الضحية وتصمها بالفضيحة والعار. فالتكتم المفروض اجتماعيا فيما يخص التحرش الجنسي او الاغتصاب يؤدي حتما الى تفاقمه وانتشاره، وبالتالي فان هذه العقلية هي شريك اساسي في الجريمة اذ انها بمثابة درع واق يحمي المجرم ويسمح له بالافلات من العقاب.
ونحن اذ نعبر عن تضامننا الكامل مع الاهالي والفتيات الشجاعات اللواتي كسرن جدار الصمت في مجتمع لن يرحمهن باسم الشرف والتستر عن الفضيحة، نأسف للمستوى المتدني وغير المهني وغير الاخلاقي الذي طالما عودتنا عليه قناة MTV والتي قامت عبر برنامج “انت حر” بالكشف عن هوية العائلات الذين قاموا بتقديم شكوى الى المدرسة من دون موافقة الاهالي. هذا وقد تعاطت المحطة “بموضوعية ” مستفزة ومبالغة وصلت الى حد التهكم على الاهالي لانهم لم يقوموا برفع دعوى على الجاني متنساية فظاعة ما قد يلحق بتلك العائلات نتيجة للضغط الاجتماعي والخوف من الوصمة. وفي الاطار نفسه نسال جو معلوف، مقدم البرنامج اذا كان المطلوب من الاهالي التساهل لان المسالة “لا تتعدى المداعبة والتصوير” والا فانهم يقومون بانتقام من المدرسة؟ . ونحن وبعد متابعة التغطية لهذا الملف نعتبر جو معلوف والطريقة التي تناول بها هذا الملف عبر: لومه للاهالي، كشف هوياتهم، والاستهتار بتناول موضوع التحرش الذي لا يصل الى حد الاغتصاب، وعدم اعتباره جريمة قائقة الخطورة مسؤول عن الترويج للقيم ذاتها التي تشجع على التحرش، الافلات من العقاب، التستر وبالتالي تفاقم الجريمة ونعتذر لاهالي الضحايا عن التلوث الاعلامي الذي تسبب فيه هذا البرنامج.
من جهة اخرى، وعلى الرغم من حساسية الموقف وبشاعة الجرم، إلا أننا نبدي تحفظنا أيضاً على عرض صورة المعتدي، بما في ذلك من تحريض على العنف، يذكّر بجريمة كترمايا البشعة، التي طالت الضحية والمتهم، واستنفرت المجتمع ضدها. إذ يمتلك المتهم الحق بمحاكمة عادلة، تظهر مدى أهليته النفسية والعقلية، وتنزل فيه العقاب المناسب، مع حفظ حقه بالخصوصية.. علماً أن التحريض على الإنتقام لا يحقق العدالة، لا للمتهم ولا للضحايا ولا للمجتمع.
وفي الختام نكرر تضامننا مع الاهالي واستعدادنا لتقديم كل ما يطلبونه من وسائل للدعم.”
من نسوية.